Monday, August 19, 2019

كيف تتصورون علاقات السودان المستقبلية بالقوى الاقليمية؟

وقد تجد بعض الكائنات الحية ملاذا لها في بيئات لا تتأثر بنفس القدر بالتغير المناخي، كالوديان العميقة بقاع المحيطات. فرغم ارتفاع الحرارة بأعماق البحر وتدني مستويات الأوكسجين بها، يعتقد جوناثان ستيلمان، خبير بالبيئة البحرية بجامعة سان فرانسيسكو، أن الأنظمة البيئية داخل ما يعرف بـ "الفوهات الحرارية" في أعماق البحار ربما كانت استثناء واضحا لوضع مؤسف في أغلبه.
يقول ستيلمان: "لا تتصل تلك البيئات كثيرا بما يحدث بسطح كوكبنا، ولا أعتقد أن التغير المناخي سيؤثر فيها من قريب أو بعيد. ولم يكن الإنسان يعلم بوجود تلك البيئات حتى عام 1977، وهي البيئات التي تستمد طاقتها من باطن الأرض لا من أشعة الشمس، ومن غير المتوقع أن تتأثر تلك البيئات النائية بالتغيرات التي تطرأ على سطح المحيط".
كذلك يرجح دوغلاس شيل، خبير بالغابات الحارة بالجامعة النرويجية لعلوم الأحياء، أنه "قد لا يتبقى من الفقريات في أفريقيا في وقت ما في المستقبل إلا أحد أنواع السمك الأعمى الذي يعيش في كهوف بباطن الأرض".
كما يرجح ألا تتأثر الكائنات التي اعتادت تحمل الحرارة المرتفعة بتغير حرارة سطح الأرض. وقد أثبتت كائنات ميكروبية دقيقة أنها الأقدر على العيش في تلك الظروف شديدة الصعوبة.
وهناك أيضا حيوانات التارديغرادا شبه المجهرية من أوليات الفم التي تستطيع تحمل أقصى البيئات، وتعرف أيضا باسم "دب الماء". ويقول ستيلمان، خبير البيئة البحرية، إنها "قادرة على الحياة في الفضاء الخارجي وفي ظل انعدام الرطوبة والحرارة الشديدة، وربما سمع المتابع لأفلام ستار تريك بها ككائنات فضائية، لكنها في الواقع كائنات تعيش بمختلف البيئات على ظهر كوكبنا".
وقد يكون المستقبل أكثر تطرفا بيئيا، فضلا عن امتداد البيئات الحضرية والبيئات المعدلة بفعل النشاط البشري. وبالتالي، يرجح آرفين سي ديزموس، رئيس قسم الزواحف بمتحف الفلبين الوطني للتاريخ الطبيعي، أن "تنجح الأنواع التي اكتسبت مقاومة بالفعل والتي تعيش في البيئات المعدلة بشريا، كحدائق المدن وحدائق البيوت والحقول والمزارع ومزارع الأشجار، في التكيف مع ارتفاع درجات الحرارة".
ويلخص روبرت ناسي، من مركز بحوث الغابات، ذلك بالقول إن "الأنواع الناجية ستكون دقيقة وصغيرة، ومن ذوات الدم الحار غالبا بين الفقريات، وتلك القادرة على التكيف والتي تقتات على المتوافر ويمكنها العيش ببيئات صعبة".
ويصف جيمي كار، من الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة، عالما كهذا بأنه "لن يكون عالما جميلا".
وبالطبع، نعي بعضا مما علينا فعله لجعل مستقبل البيئة أكثر إشراقا، من قبيل الحد من الغازات الدفيئة، وحماية التنوع الطبيعي، وعدم اعتراض البيئات الطبيعية ببناء السدود ومد الطرق والكتل الأسمنتية المستمرة، والإقلال من التلوث، والاستغلال الجائر للأرض. بل يجب العمل أيضا على إعادة الأنواع التي أوشكت على الانقراض، مثل ظبي السايغا، للحياة ببذل ما يكفي من الجهود الحمائية.
وبينما لا تبدو في الأفق نهاية للعراقيل السياسية، فإن تجاوزها أفضل بكثير من تسليم الكوكب بأكمله للميكروبات ترتع فيه كيفما تشاء.
بعيدا عن الابتهاج الذي شهدته شوارع العاصمة السودانية الخرطوم، بعد توقيع كل من إعلان الحرية والتغيير، والمجلس العسكري الانتقالي، وثائق اتفاق المرحلة الانتقالية، وتفاؤل السودانيين بمستقبل جديد لبلادهم، يسود فيه الحكم المدني، يبرز سؤال مهم ربما لا يكون على علاقة بالداخل السوداني هذه المرة، قدر علاقته بالطبيعة التي ستكون عليها علاقات السودان الخارجية، بالقوى الاقليمية المحيطة والتي كان جانب كبير منها، على علاقة وثيقة بنظام الرئيس السوداني المخلوع عمر حسن البشير.
وكان لافتا حضور العديد من المسؤولين من دول الاقليم، احتفالات توقيع الاتفاق السوداني، من مصر والسعودية وتركيا وغيرها، وقد جاءت معظم تصريحات هذه الأطراف، داعمة للاتفاق السوداني فقد نقلت وكالة الأنباء السعودية، عن مصدر لم تسمه قوله إن "تلك الخطوة تمثل نقلة نوعية، من شأنها الانتقال بالسودان الشقيق نحو الأمن والسلام والاستقرار" داعيا كافة الأطراف إلى "تغليب المصلحة الوطنية، وفتح صفحة جديدة من تاريخ البلاد".
من جانبه قال وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو، الذي حضر مراسم التوقيع في الخرطوم، إن بلاده ستواصل دعمها للسودان حكومة وشعبا، مؤكدا على وقوف تركيا دائما إلى جانب الاستقرار والسلام والأمن، وهو نفس ما قاله رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي حضر مراسم التوقيع أيضا، حيث قال إن مصر لن تألو جهدًا، في تقديم كل أشكال الدعم الممكن للسودان الشقيق خلال الفترة المقبلة.
وربما تحمل كل تلك التعليقات المؤيدة، طابعا دبلوماسيا قد تختبره التطورات على الأرض، خلال المرحلة الانتقالية، فالحقيقة هي أن معظم هذه الدول لها أهداف مختلفة، فكل من مصر والسعودية بجانب الإمارات والبحرين، تشترك جميعا في كونها أعضاء في تحالف واحد ويعتبر الكثير من السودانيين، أنها كانت الداعم الأكبر للمجلس العسكري، بجانب ما يتردد عن دعم تلك الدول للثورات المضادة في العديد من الدول العربية.
على الجانب الآخر كان لتركيا، علاقات قوية بنظام الرئيس السوداني المخلوع عمر حسن البشير، كما تثار الآن علامات استفهام حول مشروعها الضخم، الذي كانت قد اتفقت بشأنه مع النظام السابق، والخاص بإدارة جزيرة سواكن السودانية، على البحر الأحمر وإقامة مشروعات فيها.